بِأَســْــمَــاءِ الـْـحَــــيُّ الْــعــَـظـِـيّـمُ
مُسبَّحٌ رَبيّ بقـَلبٍ نـَقيّ ـ
هو الحيُّ العَظيم ، البَصيرُ القـَديرُ العـَليمْ ، العـَزيزُ الحَكيمْ * هو الأزَليُّ القـَديمْ ، الغـَريبُ عـَن أكـوانِ النُّورْ ، الغَـنيُّ عن أكوانِ النُّورْ * هوَ القـَولُ والسَّمعُ والبَصَرْ ، الشـَّـفاءُ والظَّـفَـْر ، والقوَّةُ والثـَّباتْ * هو الحيَّ العظيمْ مَسَرة القلبْ ، وغـُفرانُ الخَطايا ـ
مُسبَّحٌ رَبّي بقـَلبٍ نـَقيّ ـ
يا ربَّ الأكوانِ جَميعاً .. مُسَبحٌ أنتَ ، مُبارَكٌ ، مُمجَّدٌ ، مُعظـَّمٌ ، مَّوقرٌ ، قـَيّومْ * العَظيمُ السَّامي ـ ملكُ النـُّـورِ السَّامي * الحنـَّـانُ التــَّـوابُ الرؤوفُ الرَّحيْم ـ الحيُّ العظيْم * لا حدَّ لِبَهائِهْ ـ ولا مَدى لضيائِهْ * المنتَشِرةُ قـُوتـُهْ ـ العظيمةُ قـُدرَتـُهْ * هو العظيْم الذي لايُرى ولا يُحَدّْ * لاشريكَ لهُ في سُلطانِـْه ، ولاصاحبَ لهُ له في صَولَجانِهْ * مَن يتــَّـكلْ عليهِ فلَن يَخيبْ ، ومَن يُسبَّحْ باسمِهِ فلَن يَستَريبْ ، ومَن يَسألْهُ فهوَ السَّميعُ المُجيْب * ما كانَ لأنهُ ماكان ، ولايكونُ لأنـَّهُ لايكونْ * خالدٌ فوقَ كلَّ الأكوانْ . لاموتَ يَدنومنهُ ولابُطلانْ * وأمامَهَ الملائكةُ ماثلونْ ، بأضوَيتِهم يَتألَّقونْ . ساجدينَ خاشعينْ . شاكرينَ مُسبَّحينْ * هو الَّذي لاحَدَّ لهُ ولاكَيلْ ، ولاتدنو عَتَمةٌ مِن ضوئةِ ولالَيلْ * هو الجَلالُ والأَتقانْ . هو العَدلُ والأمانْ . هو الرَّأفـَةُ والحَنانْ * الأوَّلُ منذُ الأزَلْ . خالقُ كلَّ شئ * ذو القوَّة التي ليسَ لها مَثيل . صانعُ كلَّ شئً جميلْ * ربُّ أكوانِ النـُّـورِ جَميعاً . أسمى مِن الأُثريَّين جَميعاً . الهُهم جَميعاً * هو النُّور الَّذي لاظُلَمةَ فيه ، الحيُّ الَّذي لاموت فيه ، والخيرُ الَّذي لاشَرَّ فيه * هو الهادئُ دونَ غَضَبْ ، اللذيذُ الَّذي مانَضَبْ ،* البَهيّْ . الساكنُ في الشـَّمالِ العُلويّْ * أصلُ النَّيَّراتِ جَميعاً . وأبو الأُثريّين جَميعاً . * المقيمُ في ملكوتـْهِ . العادلُ في جَبَروتِهْ * أطلَقَ الكاملين الصَّادقينْ ، وطبعَ اسَمهُ على أفواهِ المؤمنينْ ، وبارَكهُم ببَركتِهِ أجمَعينْ * قـُدرتُهُ لاتُحصَرُ في العَدَّ والحُسبانْ ، ولَمَعاتُ تاجةِ تَنطَلُق إلى كلَّ مكانْ ، وإشعاعاتُ نورِهِ تَنبعِثُ من بينِ أوراقِ إكليِلِهِ ملءَ الأكوان ـ * مَن يُسَبَّحكَ تَسبيَحك ، قال الأُثريّون ، فتَسبيُحكَ لايُحَدّْ * ومَن يُباركـُك ببَركَتِك ، فبَركَتُك لاتُعَدّْ * ومَن يُعَظَّمُكَ بعُلاكَ فعُلاكَ ليسَ لَهُ قياس * عُمقـُك لايُسْبَرْ ، وقدرَتُكَ لاتُحصَرْ ، وعظَمَتُك لاتبصَرْ ، وعُلاكَ من كلَّ شئً أكبَرْ * هاهُم جميعاً خاشِعون .. لايَعرفونَ اسمَكْ ، ولايتَبيـَّـنون رَسمَكْ * طوبى للكاملين الَّذين عرَفوكَ بقلبٍ نقيًّ فآمنوا بكَ مُخلِصينْ ، وخَشَعُوا لعَظَمِتكَ صادقينْ ، طوبى للكاملينَ الصَّادقينْ ـ
* هو المَلِكُ مُنذُ الأزَلْ . ثابتٌ عرشُهُ . عظيمٌ مَلَكوتُهْ * لا أبَ لَهُ ولا وَلْد . ولايُشاركهُ مِلكَهُ أحَدْ * مُبارَكٌ هو في كلَّ زمانْ ، ومُسبَّحٌ هو في كلَّ زمان * مَوجودٌ مُنذُ القِدم . باقٍ إلى الأبَدْ * قال للملائكةِ كوني فكانتْ . بقولِهِ ملائكةُ النُّورِ كانَتْ * ومِن ضيائِةِ النَّقيَّ انبثَقَ ملائكةُ التَّسبيح الَّذين لا حَدَّ لهم ، ولاعَدَّ ، ولابُطلانْ * من نورِهِ العظيمِ انَبَثَقوا ممتلئين بالتَّسبيح . مُتقَنٌ ضياؤه . بَهيٌ نورُه . مُتقَنٌ وبَهيٌ مقامُهم فيه . * نورٌ لابُطلانَ فيه ، وخشوعٌ لاعصيانَ فيه ، وَبرٌ لاشِقاقَ فيه ، وإيمانٌ لاخداعَ فيه ، وصدقٌ لاكَذِبَ فيه * هو الخَيرُ الَّذي لاشَرَّ فيهِ ، وهم فيه مقيمون ، للحيَّ مُسبَّحونْ ـ
* ملائكةُ الضـَّياءِ تـُسبَّحُ لملكِ النُّور بالضَّياءِ الَّذي وَهَبَهُ إيّاهُم ـ
* ملائكةُ الضَّياءِ تُسبَّحُ لملكِ النُّور بثيابِ الضَّياء التي وهَبَها إيّاهُم ـ
* ملائكةُ الضَّياءِ تُسبَّحُ لملكِ النُّور بأردَيةِ النُور التي وهَبَها إيّاهُم ـ
* ملائكةُ الضَّياءِ تُسبَّحُ لملكِ النُّور بأحزَمِةِ الضَّياءِ التي وَهبَها إيّاهُم ـ
* ملائكةُ الضَّياءِ تُسبَّحُ لملكِ النُّور بأكليلِ الضَّياءِ التي وهَبهَا إيّاهُم ، وضَفَرها لهُم ـ
* ملائكةُ الضَّياءِ تُسبَّحُ لملكِ النَّور بالقوَّةِ والثَّبات اللَّذَينِ وهَبَهُما إيّاهُم ـ
* ملائكةُ الضَّياءِ تُسبَّحُ لملكِ النُورِ بالصَّدقِ والوفاءِ والأيمان التي وهَبَها إيّاهُم ـ
* كُلّهم لُطَفاءُ طيّبون ، وحُكَماءُ صادقون . لا إساءةَ فيهم ولاخِداع * بَعضُهُم يَحلُّ في منازلِ بعض لايُخِطئون ، ولا بعضٌ إلى بعضٍ يُسيئون . مُعزَّزون مُكرَّمون . كمِثْل اهدابِ العَينِ مُتَشابهونْ * نَواياهُم بعضٌ لبعضٍ مكشوفةْ ، وأخبارُ ماتَقَّدمَ وما تَأخَّرَ لدَيهِم مَعروفةْ * يُنير بَعضُهم بَعضاً ، ويُعَطَّرُ بَعضُهم بَعضاً ، ويَمدَّون الكشطا بعضُهم إلى بعض * هُم بمشيئةِ اللِه خالدوْن ، لازَوال لهم ولايَشيخونْ ، ولايتوجَّعون ولايَضعُفون * ثيابُهُم أنقى ، وأكاليلُهُم أبقى ، وأولادهم أتقى * لايجوعونَ ولايعَطَشون ، ولايحَترُّون ولايَبرَدون ، ولايُساءُ إليهم ولايَغضَبون * لاخُبثَ في أشجارهِم ، ولامرارةَ في أثمارهِم ، ولاذُبولَ في أزهارهِم * مَواقعُهُم ساميةْ وبحارُهُم هاديةْ ، ومياهُهُم جاريةْ .. أعذَبَ مِن الحَليبِ وأبَردْ * لايذوقُ شاربُها مَوتاً ، ولايَسمعُ للحُزنِ صَوتاً * أعوامُهُم لا عَدَّ لها ، وحياتُهُم لاكَيْلَ لها * فِرحونَ مُبتَهجونْ ، بخطىً سريعةٍ ينطَلِقون ، وفي ارضِ آيرَ البيضاءَ يطيرون .. حيثَ الضّياءُ التَّامّْ لاغروبَ ولا إضلامْ * وجوهُهُم من نورْ . شفَّافونَ كالبلّور . جميعُهُم خاشعونْ ، لله يُسبَّحون ـ
* اللهُ مَلِكُ النّورِ السَّامي ، مَلِكُ الملائكةِ والأُثريّين ، مُسبَّحٌ اسمُهُ إلى أبَدِ الآبدينْ * والأثُريّون والملائكةُ والرُّسُل والسّيماءُ و الأمثالُ والغيومُ الساريةْ ، والمياهُ الجاريةْ ، والاشجارُ العاليةْ ، والضياءُ الَّذي هيَ بهِ حاليةْ .. كُّلهُ من عندِ الله ، ملكِ النّورِ السّامي ـوالحيُّ المُزكيّ
يمكن قراءة ترجمة الكتاب العربية لبقية الكتاب بعد الضغط على زر الكتاب ( جنزاربا المقدس ) في هذا الموقع ...
وردَ ذكر كلمة الله ملك النور السامي ، وكتاب الصابئة المندائيون الناصورائيون المقدس جنزاربا مبارك اسمة ، في(4) بوث من نفس الكتاب المبارك :
بِأَســْــمَــاءِ الـْـحَــــيُّ الْــعــَـظـِـيّـمُ
{ هذا سرّ الكتاب ، والتّفسَير الأوَّل ، والتَعليمُ الحَيُّ الأوَّل ، الذي كانَ مُنذُ الأزل }
بِأَســْــمَــاءِ الـْـحَــــيُّ الْــعــَـظـِـيّـمُ
{ هذا هو الَـسـرّ هو الكتابُ الأوَّلُ لتعاليم الحيَّ الأزلي الذي لابدايةَ له }
بِأَســْــمَــاءِ الـْـحَــــيُّ الْــعــَـظـِـيّـمُ
{ إنه كلامٌ مبين بوحيِ من ربَّ العالمين ، مواعظ يحيى بن زكريّا للناّصورائيين ، الصَّادقينَ والمؤمنين }
بِأَســْــمَــاءِ الـْـحَــــيُّ الْــعــَـظـِـيّـمُ
{ هذا هو السّر ، كتاب أنوش الأمين ، بن شيتل الأمين بن آدم الأمين }
[ جـِنـزاربا مبارك ــ اليمين ]
وقد ورد ذكر كتاب الصابئة صحف آدم وشيت وإدريس ونوح وسام بن نوح ويحيى بن زكريا عليهم السلام كتاب الكنز العظيم جنزاربا المبارك بكتب اخرى ، ومن ابرز تلك الكتب هي كتب الديانات الكريمة الأخرى ، ككـتاب الأنجيل عند المسيحيين و القرآن الكريم عند المسلمين بآيات كريمة كثيرة خصت ديانة الصابئة وكتبهم وأنبيائهم منها :
في الكتاب المقدس عند المسيحيين الأنجيل العهد الجديد :ـ
إنجـيل مـَتـّى :
قال عيسى المسيح عليه السلام : اَلْحَـقَّ أَقُولُ لَكُمْ : لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ .
إنجـيل مـَتـّى :
وقال عيسى المسيح عليه السلام : لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.
إنجـيل لوقا :
وقال عيسى بن مريم عليه السلام : لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ .
اما في الديانة الاسلامية :ـ
ونذكر بعض ماقاله رسول المسلمين محمد عن آخر انبياء الصابئة يحيى بن زكريا عليهم السلام ، يذكر لنا في مجموع فتاوى ابن تيمية (التفسير) - (4 / 55) ( فى الحديث : ( ما من أحد من بنى آدم إلا أخطأ أو هَمَّ بخطيئة إلا يحيى بن زكريا ) و - (3 / 197) ( فإنه ما من بنى آدم إلا من أخطأ أو هَمَّ بخطيئة إلا يحيى بن زكريا )ـ
ذكر آخر انبياء الصابئة يحيى بن زكريا عليه السلام في سورة مريم :ـ
يايحيى خُذِ الكتابَ بقوَّةٍ وآتيناهُ الحُكْمَ صبيّاً * وحناناً من لَدُنَّا وزكاةً وكان تقيّاً * وبرّاً بوالديهِ ولم يَكن جبَّاراً عَصيّاً * وسلامٌ عليه يومَ ولِدَ ويومَ يَموتُ ويومَ يُبعثُ حيّاً
سورة مريم
تفسير هذه الآية هو :
{ يا يحيى خذ الكتاب } يايحيى (النبي يحيى بن زكريا) اعمل بكتاب الصابئة المقدس جنزاربا مبارك اسمه وبشر به { بقوة } بجد { وآتيناه الحكم } النبوة { صبياً } ابن بضعة شهور حين اخذه الملاك أنش اثرا والملاك النوراني هيبل زيوا وهو بعمر ثلاثين يوماً ليصبغونه باليردنا : الماء الجاري وليمنحه الله الحي العظيم النبوة وليكون معلماً ناصورائياً مؤمناً بامر الحي القيوم لديانة الله التوحيدية الأولى الصابئة المندائية ـ
{ وحناناً } رحمة للناس { من لدنا } من عند الله { وزكاة } صدقة عليهم { وكان تقياً } نزيهاً ، متديناً ، فلم يعمل ذنب ـ
{ وبرّاً بوالديه } محسناً إليهما ، ومجانبته عقوقهما ، قولا وفعلاً وأمراً ونهياً { ولم يكن جباراً } كان متواضعاً ومؤمناً ولم يكن متكبراً { عصياً } ولم يكن عاصياً لربه ـ
} وسلامٌ عليه } أمان و محبه من الله الاوحد عليه { يوم وُلد ويوم يموت ويوم يُبعث حياً } هو في آمان يوم ولد بمعجزة ، ويوم صعدت روحة الطاهرة الى ربه بمعجزة ، ويوم يبعث مرة أخرى لانقاذ الصابئة ، ففي الايام الثلاثة هذه هو بأمان ومحبة ونور الله الحي العظيم عليه ـ
تم الأستناد في تفسيرنا هذا الى نص مشابه من مخطوطة التأريخ المندائية ديوان حران كويثا التي تشرح لنا كيفية إصطباغ اخر انبياء الصابئة المندائيون يحيى بن زكريا عليه السلام وتعلمة نستعرض جزء من ترجمتها العربية :ـ
[ صباغة يهيا يهانا وتعلمه الأبجدية ودراسته الناصورائية :ـ
وبعد ان اصبح عمره ثلاثين يوماً ، جاء الملاك هيبل زيوا بأمر من الحي العظيم ذي الوقار الى جبل مادي ، مصطحباً معه الملاك أنش اثرا الذي يقيم أيضاً بجبل مادي ، وذهبوا الى جبل بروان حيث الوليد يهيا يهانا واقاموا له صباغته ، ثم وضعوا الطفل قرب الشجرة المرضعة للاطفال ، وبعد ان اصبح ابن السابعة من العمر جاء اليه انش اثرا وكتب له الابجدية المندائية ، وعندما اصبح ابن الثانية والعشرين من العمر اتقن كل المعرفة الناصورائية . وبعد ذلك وبأمر الأب الكبير ذي الوقار كرّس له تاجاً وأجلسه انش اثرا في سحابة من النور ]
وورد ذكر كتاب الصابئة المندائيون المقدس جنزاربا مبارك في سورة البقرة :ـ
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
سورة البقرة
[ ورد في تفسير روح المعاني في تفسير القرآن للألوسي لهذه الآية الكريمة :ـ
{ كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وٰحِدَةً } متفقين على التوحيد مقرين بالعبودية حين أخذ الله تعالى عليهم العهد، وهو المروي عن أبـيّ بن كعب أو بين آدم وإدريس عليهما السلام بناءاً على ما في «روضة الأحباب» أن الناس في زمان آدم كانوا موحدين متمسكين بدينه بحيث يصافحون الملائكة إلا قليل من قابيل ومتابعيه إلى زمن رفع إدريس، أو بين آدم ونوح عليهما السلام على ما روى البزار وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما/ أنه كان بينهما عشرة قرون على شريعة من الحق، أو بعد الطوفان إذ لم يبق بعده سوى ثمانين رجلاً وامرأة ثم ماتوا إلا نوحاً وبنيه حام وسام ويافث وأزواجهم وكانوا كلهم على دين نوح عليه الصلاة والسلام ...{ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيّينَ } أي فاختلفوا فبعث الخ وهي قراءة ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وإنما حذف تعويلاً على ما يذكر عقبه. { مُبَشّرِينَ } من آمن بالثواب. { وَمُنذِرِينَ } من كفر بالعذاب ...{ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } اللام للجنس ومعهم حال مقدرة من الكتاب فيتعلق بمحذوف ، وليس منصوباً بأنزل والمعنى أنزل جنس الكتاب مقدراً مقارنته ومصاحبته للنبيين حيث كان كل واحد منهم يأخذ الأحكام إما من كتاب يخصه أو من كتاب من قبله ، والكتب المنزلة مائة وأربعة في المشهور أنزل على آدم عشر صحائف وعلى شيث ثلاثون ، وعلى إدريس خمسون .... ] ـ
ومِن تفسير الآية القرآنية الكريمة يتضح أن الأمة في زمن آدم كانت موحدة ومتمسكه بشريعة الله الأولى الصابئية وكانوا أمة واحدة مؤمنين بما انزل الحي الأزلي جل جلاله بكتاب الصابئة المقدس جنزاربا ووصاياه التي أمر بها نبيه آدم عليه السلام ، وأرسل لهم الانبياء والرسل آدم وشيتل بن آدم و إدريس ونوح وسام بن نوح وآخرهم نبي الله ورسوله يحيى بن زكريا عليهم السلام ، وأنزل معهم كتاب الحي الأزلي جنزاربا المبارك ليوضح للناس عبادة الله الحي القدير ، وفي الآية يوضح ان هناك انشقاق حدث بين البشر نتج عنه ديانات اخرى كاليهودية وغيرها ، وبقى الصابئة على دينهم التوحيدي الاول منذ زمان الرسول والنبي آدم عليه السلام الى يومنا هذا .
وذُكرَ آخر لانبياء الصابئة نوح و يحيى بن زكريا ، وكتاب المندائيون المبارك جنزاربا في سورة الانعام
* وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ إتَيْنَٰهَآ إِبْرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ * وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ * وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ * أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ
سورة الأنعام
جاء في كتاب " تفسير البغوي " للآية القرآنية الكريمة :
{أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ} الكتب المنزلة عليهم ، { والحكم } يعني : العلم والفقه .
وكما هو واضح من قراءة الاية القرآنية الكريمة ان بعض انبياء الصابئة قد ذكروا بالآية هذه ، وهم من الصالحين ولهم كتبهم المنزله عليهم اي بلا شك كتابنا الكنز العظيم جنزاربا المبارك .
وبقية تفسير الآية واضح لايحتاج الى تفسير.
وهناك ذكر آخر لاتباع الدين الصابئي الذين وصفهم القرآن الكريم باهل الكتاب ، في القرآن الكريم في عدة سور وآيات كريمة منها :
وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
سورة العنكبوت
ونقف على معنى اهل الكتاب في معجم الغني للغة العربية :
أهل الكتاب : أَصْحَابُ الدِّيَانَاتِ الَّتِي لَهَا كَلاَمٌ مُنَزَّلٌ يَتَضَمَّنُ عَقَائِدَهُمْ وشَرَائِعَهُمُ الْمُدَوَّنَةُ في كُتُبِهِمْ .
تفسير الآية الكريمة : { وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وجه الوصاية بالحسنى في مجادلة أهل الكتاب ( اي الصابئة وغيرهم ) ، أن أهل الكتاب مؤمنون بالله غير مشركين به ، { إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ } فإن هم قابلوا الحسنى بضدها انتقل الحكم إلى الاستثناء الذي في قوله : إلا الذين ظلموا منهم ، { وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } اي يؤمن (المقصود يؤمن المسلمين ) بما انزل عليهم وهو القرآن الكريم ، وعليهم ان يؤمنوا (يؤمن المسلمون) بالكتاب الذي انزل على اهل الكتاب ( ككتاب جنزاربا الذي انزل على نبينا آدم مبارك اسمه ) ، وإلههم وإله الصابئة واهل الكتاب هو الله( اي اله جميع البشر هو الله )
وجاء في تفسير الطبري عن قول رسول المسلمين قوله
" قولوا : آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليكم ، وإلهنا وإلهكم واحد ، ونحن له مسلمون"
وذُكر اهل الكتاب الصابئة وغيرهم في سورة آل عمران :
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
سورة آل عمران
فسر الآية الكريمة هذه ( مجاهد ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس ، وقتادة ) :
مفادها إن المؤمنين من اهل الكتاب " هنا المقصود من الصابئة وغيرهم " يؤمنون بالله ، وبالكتب المنزلة من عند الله ، ولهم اجرهم عند الله " .
كما وذكر اهل الكتاب الصابئة في آية كريمة اخرى من سورة آل عمران وهي :
لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ
سورة آل عمران
وجاء تفسير الآية الكريمة في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : { من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون } ، ذكر هنا من صفات هذه الطائفة المؤمنة من أهل الكتاب أنها قائمة ، أي : مستقيمة على الحق وأنها تتلو آيات الله آناء الليل (ساعاته ) ، وتصلي ، وتؤمن بالله ، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . {وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ } تعني لا يضيع عند الله بل يجزيهم به أوفر الجزاء .
وذكر في موضع آخر أنها تتلو الكتاب حق تلاوته وتؤمن بالله ، وهو قوله : الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ، وذكر في موضع آخر أنهم يؤمنون بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إليهم ، وأنهم خاشعون لله لا يشترون بآياته ثمنا قليلاً ، وهو قوله : وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلاً .
كما هو واضح من ان الآية الكريمة اعلاه حول الصابئة اصحاب اول كتاب مُنزل ، لانهم يؤدون الصلاة صباحاً وعصراً وليلاً . وكما جاء في كتاب الصابئة المبارك :
باسم الحي العظيم
{ علَّمهم الصّلاة يقيمونها مُسبحين لملك النُور السّامي ثلاثَ مراتِ في النّهار ، ومرَّتين في الليل }
[ جـِنـزاربا مبارك اسمه ــ اليمين ]
وذكر اهل اول كتاب سماوي من الله كتاب الصابئة المقدس في سورة النساء :ـ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا
سورة النساء
ونقرأ تفسير ابن كثير لهذه الأية الكريمة :ـ
[ يأمر تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه ودعائمه ، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل ، بل من باب تكميل الكامل، وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه، كما يقول المؤمن في كل صلاة:
{ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ }
[الفاتحة: 6] أي: بصرنا فيه، وزدنا هدى، وثبتنا عليه، فأمرهم بالإيمان به وبرسوله؛ كما قال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ } يعني: القرآن،
{ وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِىۤ أَنَزلَ مِن قَبْلُ } وهذا جنس يشمل جميع الكتب المتقدمة، وقال في القرآن: نزّل؛ لأنه نزل مفرقاً منجماً على الوقائع، بحسب ما يحتاج إليه العباد في معاشهم ومعادهم، وأما الكتب المتقدمة، فكانت تنزل جملة واحدة، لهذا قال تعالى: { وَٱلْكِتَـٰبِ ٱلَّذِىۤ أَنَزلَ مِن قَبْلُ } ، ثم قال تعالى: { وَمَن يَكْفُرْ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً } أي: فقد خرج عن طريق الهدى، وبعد عن القصد كل البعد. ]
وهنا يتضح لنا إن الله يوجب على المسلم الأيمان بالكتب المنزلة والأخذ بما جاء بها ، ومَن يكفر بالانبياء والرسل والكتب المنزلة فقد خرج عن طريق الصواب ومأواه جهنم وبئس المصير .
وفي سورة الأنعام نجد دلالة واضحة على ديانة الصابئة وكتابهم المنزل :ـ
أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ
سورة الأنعام
وفي تفسيرنا لهذه الآية الكريمة نجد إن الكتاب انزل على طائفتين والأولى هي الصابئة كتاب صحف آدم وشيت وإدريس ونوح وسام بن نوح ويحيى بن زكريا ونجد دلالة واضحة على تفسيرنا لهذا في ايات كثيرة تذكر الصابئة وانبيائهم وكتبهم منها (يايحيى خُذِ الكتابَ بقوَّةٍ) ، (وكَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ) ، (و..نوح..زكريا ويحيى ... أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ ) ،و (كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ... يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ ، و وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ ) ، و (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا )، (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ ) وفي مواضع جليه اخرى
كما هو ثابت أن المسيحيين واليهود يؤمنون بالكتاب نفسه بالانجيل ، إذ يؤمن ابناء الديانة اليهودية الكريمة بالجزء المسمى العهد القديم فقط ، ويمثل اكثر من نصف الأنجيل يسمى ايضاً ب (التناخ و التوراة او يسمى صحف موسى عليه السلام) ، ويؤمن ابناء ديانة عيسى المسيح عليه السلام الديانة المسيحية الكريمة بالأنجيل بعهديه الذي يتكون من العهدين القديم (التوراة) والجديد ، وبصورة خاصة يؤمنون بتعاليم العهد الجديد ، والعهد الجديد هو سيرة حياة عيسى المسيح عليه السلام ، وكما هو ثابت أن العهد الجديد تعاليم المسيح عليه السلام ، يدون سيرة حياة المسيح ووصايه لتلاميذه مِن بعده ، إذ نجد إن المقصود هنا بكتابين منزلين ، وهما بلا شك الجنزاربا المبارك وكتاب الأنجيل بعهديه (العهد القديم صحف موسى التوراة التناخ ، والعهد الجديد سيرة حياة المسيح ) .
وفي سورة الأسراء نجد ذكر لاتباع آدم الصابئة وكتابهم المبارك :ـ
وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ، يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ، وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا
سورة الأسراء
اختلف المسلمين كثيراً في تفسير هذه الأية اذ نجد تفسير الآية الكريمة في تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ للطبري :ـ
ونجد في تفسير الكشاف للزمخري :ـ
{ بِإِمَـٰمِهِمْ } بمن ائتموا به من نبيّ أو مقدّم في الدين، أو كتاب، أو دين، فيقال: يا أتباع فلان، يا أهل دين كذا وكتاب كذا، وقيل: بكتاب أعمالهم .
ونجد عند بعض المفسرين مثل تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي أن الإمام جمع أمّ ، وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم .
ونجد في تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد لاطفيش :ـ
{ بِإِمَامِهِمْ } بمن يقتدرو، به من جائر وعادل فيقال يا أتباع محمد، يا أتباع أبى لهب، يا أتباع أبى جهل، يا أتباع فرعون، وبما يقتدرون به، يا أتباع القرآن، يا أتباع الإِنجيل، يا أتباع التوراة، ونحو ذلك وقد فسر بعضهم الإِمام بالنبى والمقدم فى الدين، وابن زيد بالكتاب، والحسن وابن عباس بالدين، وبعض بكتاب الأَعمال يا أصحاب كتاب الخير، يا أصحاب كتاب الشر، وقد قرأ الحسن يوم ندعو كل أناس بكتابهم، وابن عباس فى رواية بمن يقتدرون من مضل أو هاد وبعض بمعبودهم وعن مجاهد وقتادة بنبيهم، وقيل بالقوى الحاملة لهم على عقائدهم وأفعالهم ينقطع نسب الإِنسان يومئذ ويبقى نسب العمل والديانة وقيل الإِمام جمع أم كخف وخفاف، يقال يا فلان عن فلانة إِجلالاً ...
وفسر بعض المفسرين حسب ما روى عن البعض الآخر ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) المقصود لقد كرمنا أتباع آدم أي الصابئة المندائيون وحملناهم بالبر وفي البحر أي انقذناهم من الطوفان ونجيناهم مع النبي نوح وابنه سام عليهما السلام وفضلناهم على الاخرين الذين غرقوا بالطوفان ، (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ) يوم ندعوا الجميع بأمهاتهم ( اكراماً لرابطة الرحم بين الابن وامه ) او المقصود انبيائهم ، ( فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ ) يقرءون كتابهم فرحين مسرورين بما فيه مفتخرين به ذاكرين له وبفكر التوحيد فهم مِن الرابحين حافظا للعهد، ومَن ضل عنه أي خرج التوحيد بالحي الأزلي فانه قد خسر الآخرة .
والتفسير الأخير لكلمة " بِإِمَامِهِمْ" نجده الأكثر صحة لكونه يطابق ماجاء بشريعة آدم الصابئية المندائية التوحيدية الاولى لكل انسان اسم ديني " ملواشا " باسم الشخص وبأسم امه ، أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ : حسب شريعة آدم الصابئة المندائية مَن اعطى العهد الحق (كشطا) بيمينه وحافظ عليه ، وتسمى يد اليمين يد الكشطا : يد العهد ويتم اعطاء العهد في الطقوس المندائية منها في طقس المصبتا الصباغة على سبيل المثال اذ يرسم جبين المصطبغ بالماء ثلاث مرات و يصافح المصطبغ رجل الدين المندائي بيده اليمنى طالباً العهد مردداً في كل مرة ( كشطا اسيخ قيمخ : العهد يحفظك ويحميك ) يجيبه رجل الدين ( بي وشكا امر وإشتما : اطلب تجد تحدث تسمع )، وكذلك يتم اعطاء العهد بطقس الزواج والصلاة والوضوء وغيرها من طقوس ديانة آدم الصابئة المندائيون .
وفي سورة مريم نجد ذكر نبي الصابئة إدريس عليه السلام :ـ
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ، أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ
سورة مريم
نجد في تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير للرازي :ـ
[ اعلم أن إدريس عليه السلام هو جد أبي نوح عليه السلام وهو نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ قيل سمي إدريس لكثرة دراسته واسمه أخنوخ ووصفه الله تعالى بأمور: أحدها: أنه كان صديقاً. وثانيها: أنه كان نبياً وقد تقدم القول فيهما. وثالثها: قوله: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } وفيه قولان: أحدهما: أنه من رفعة المنزلة كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } فإن الله تعالى شرفه بالنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة وهو أول من خط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب وأول من خاط الثياب ولبسها وكانوا يلبسون الجلود. الثاني: أن المراد به الرفعة في المكان إلى موضع عال وهذا أولى، لأن الرفعة المقرونة بالمكان تكون رفعة في المكان لا في الدرجة ثم اختلفوا فقال بعضهم إن الله رفعه إلى السماء وإلى الجنة وهو حي لم يمت، وقال آخرون: بل رفع إلى السماء وقبض روحه سأل ابن عباس رضي الله عنهما كعباً عن قوله: { وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً } قال: جاءه خليل له من الملائكة فسأله حتى يكلم ملك الموت حتى يؤخر قبض روحه فحمله ذلك الملك بين جناحيه فصعد به إلى السماء فلما كان في السماء الرابعة فإذا ملك الموت يقول بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، وأنا أقول كيف ذلك وهو في الأرض فالتفت إدريس فرآه ملك الموت فقبض روحه هناك. واعلم أن الله تعالى إنما مدحه بأن رفعه إلى السماء لأنه جرت العادة أن لا يرفع إليها إلا من كان عظيم القدر والمنزلة، ولذلك قال في حق الملائكة: { وَمَنْ عِنْدَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ }
[الأنبياء: 19] ].
يسمى النبي إدريس عليه السلام بهرمس ايضاً وفي المندائية الآرامية دنانوخ ، وفي السريانية الآرامية إينوخ ، وفي العبرية اخنوخ وتختلف لفظة التسمية حسب المنطقة واللغة .
وجاء في سورة الحديد نجد ذكر لنبي الصابئة نوح عليه السلام :ـ
فسر هذه الأية الطبري في كتابه جامع البيان في تفسير القرآن:ـ
ولقد أرسلنا أيها الناس نوحاً إلى خلقنا، وإبراهيم خليله إليهم رسولاً { وَجَعَلْنا فِي ذُرّيَّتِهِما النُبُوَّةَ وَالكِتابَ } وكذلك كانت النبوّة في ذرّيتهما، وعليهم أنزلت الكتب: التوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وسائر الكتب المعروفة
تفسيرها واضح أن في ذرية نوح اعطيت النبوة والكتاب والمقصود هنا بالصابئة المندائيون وكتابهم المبارك الجنزاربا المبارك
وخص القرآن الصابئة بصورة مستقلة بثلاثة آيات كريمة :ـ
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
سورة البقرة
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
سورة المائدة
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
سورة الحج
سنستعرض اجزاء من بعض التفاسير الاسلامية مِن الأقدم الى الاحدث للسبعة قرون الهجرية الاولى :ـ
تفسير غريب القرآن لزيد بن علي 120 هـ وفي تفسير سورة المائدة فسرها :ـ
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئُونَ } فالصَّابِئونَ: فِرقةٌ مِن أَهلِ الكِتابِ يَقرأونَ الزَّبورَ. "
تفسير مقاتل بن سليمان/لمقاتل بن سليمان 150 هـ :ـ
{ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ } ، وهم قوم يصلون للقبلة، يقرءون الزبور .. ،
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن للطبري 310 هـ :ـ
" وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { الصَّابِئُون } قال: الصابئون: دين من الأديان، كانوا بجزيرة الـموصل يقولون: «لا إلٰه إلاّ الله»....حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا آدم، ثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية قال: الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرءون الزبور ".
وايضاً في تفسير الطبري نجد:ـ
حدثنا سفـيان بن وكيع، قال: حدثنا أبـي عن سفـيان، قال: سئل السديّ عن الصابئين فقال: هم طائفة من أهل الكتاب.
[ تعليق أن الزبور تعني المخطوطات اوالصحف راجع تفسير آية آل عمران 184 جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ قال في التحرير مثلاً على تفسيرنا :(والزبر جمع زبور وهو فَعول بمعنى مفعول مثل رسول، أي مزبور بمعنى مخطوط. وقد قيل: إنه مأخوذ من زَبَر إذا زَجر أوْ حَبَس لأنّ الكتاب يقصد للحكم. وأريد بالزبر كتب الأنبياء والرسل، ممّا يتضمّن مواعظ وتذكيراً ، وفي تفسير الطبري : أما الزبر: فإنه جمع زبور: وهو الكتاب، وكل كتاب فهو زبور، ومنه قول امرىء القـيس: لَـمِنْ طَلَلٌ أبْصَرْتُهُ فَشَجانِـي كَخَطّ زَبُورٍ فِـي عَسِيبِ يَـمَانِـي
واغلب التفاسير اشارت الى إن الزبر تعني كتاب ؛ والزبر في اللغة العربية من معجم المحيط الزِّبْرُ: المكتوب؛ قراءةُ الزِّبر على ورق البرديّ يقوم بها علماء مختصون ج زُبُورٌ.
وفي اغلب التفاسير ومعاجم اللغة العربية تشير الى كون الزبر وجمعها الزبور تعني الكتب السماوية ، او الصحف السماوية ، ونجد ذلك يتجلى في تفاسير اية آل عمران الزبر والكتاب المنير ]
تفسير التفسير الكبير للإمام الطبراني 360 هـ :ـ
واختلفوا في الصابئين من هم؟ فقال عُمَرُ: هُمْ طَائِفَةٌُ مِنْ أهْلِ الْكِتَاب ذَبَائِحُهُمْ ذَبَائِحُ أهْلِ الْكِتَاب؛ وبه قال السديُّ. وقال مقاتلُ وقَتَادةُ: (هُمْ يُقِرُّونَ باللهِ؛ وَيَقَرَأُونَ الزَّبورَ ). وقال عبدُالعزيز بن يحيى: (قَدِ انْقَرَضُواْ فَلاَ عَيْنٌ وَلاَ أثَرُ).
تفسير تفسير كتاب الله العزيزللهواري القرن 3 هـ :ـ
وَالصَّابِئِينَ هم قوم يقرأون الزبور .
تفسير بحر العلوم للسمرقندي 375 هـ :ـ
حكمهم كحكم أهل الكتاب في أكل ذبائحهم ومناكحة نسائهم ، ويقرأون الزبور
تفسير النكت والعيون للماوردي 450 هـ :ـ
وَاخْتُلِفِ فيهم: فقال مجاهد، والحسن، وابن أبي نجيحٍ: الصابئون بين اليهود والمجوس، وقال قتادة: الصابئون قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى القِبْلة، [ويقرأون الزبور ويصلون الخمس] وقال السدي: هم طائفة من أهل الكتاب، وقال الخليل: هم قوم شبيه دينهم بدين النصارى، إلا أن قبلتهم نَحْوَ مهب الجنوب حيال منتصف النهار، يزعمون أنهم على دين نوح.
تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن للطوسي 460 هـ :ـ
وقال السدي: هم طائفة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور. وقال الخليل: هم قوم دينهم شبيه بدين النصارى إلا ان قبلتهم نحو مهب الجنوب. خيال منصف النهار، ويزعمون انهم على دين نوح. وقال ابن زيد: الصابئون هم اهل دين من الاديان كانو بالجزيرة: جزيرة الموصل، يقولون لا إله إلا الله ولم يؤمنوا برسول الله " صلى الله عليه وسلم " ، فمن اجل ذلك كان المشركون يقولون للنبي " صلى الله عليه وسلم " واصحابه: هؤلاء الصابئون: يشبهونهم بهم. وقال آخرون: هم طائفة من اهل الكتاب. والفقهاء باجمعهم يجيزون اخذ الجزية منهم
وفي معالم كتاب التفسير معالم التنزيل للبغوي 516 هـ :ـ
قال عمر وابن عباس: هم قوم من أهل الكتاب، قال عمر رضي الله عنه: ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) :ـ
فقال السُّدّي: هم فرقة من أهل الكتاب، وقاله إسحٰق بن رَاهَوَيْه. قال ٱبن المنذر وقال إسحٰق: لا بأس بذبائح الصابئين لأنهم طائفة من أهل الكتاب. وقال أبو حنيفة: لا بأس بذبائحهم ومناكحة نسائهم. وقال الخليل: هم قوم يُشْبه دينُهم دين النصارى، إلا أن قبلتهم نحو مهبّ الجنوب؛ يزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام.
تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) :ـ
{ وَٱلصَّـٰبِئِينَ } وقيل أصل دينهم دين نوح عليه السلام
تفسير البحر المحيط/ ابو حيان (ت 754 هـ) :ـ
قال عمر وابن عباس: هم قوم من أهل الكتاب قال عمر ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب .
تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) :ـ
وقال أبو العالية والربيع بن أنس والسدي وأبو الشعثاء، جابر بن زيد، والضحاك وإسحاق بن راهويه: الصابئون فرقة من أهل الكتاب يقرؤون الزبور، ولهذا قال أبو حنيفة وإسحاق: لا بأس بذبائحم ومناكحتهم، ... ، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزناد عن أبيه قال: الصابئون قوم مما يلي العراق، وهم بكوثى، وهم يؤمنون بالنبيين كلهم، ويصومون من كل سنة ثلاثين يوماً، ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات. وسئل وهب بن منبه عن الصابئين فقال: الذي يعرف الله وحده،..ولم يحدث كفراً، وقال عبد الله بن وهب: قال عبد الرحمن بن زيد: الصابئون أهل دين من الأديان، كانوا بجزيرة الموصل، يقولون: لا إله إلا الله ... ، وقال الخليل: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى، إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب، يزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام، ... ، قال القرطبي: والذي تحصل من مذهبهم فيما ذكره بعض العلماء أنهم موحدون .
وفي تفسير الخازن :
قال عمر وابن عباس: هم قوم من أهل الكتاب قال عمر ذبائحهم ذبائح أهل الكتاب
[ تعقيب نجد أن بعض علماء الاديان الاخرى وبصورة خاصة من المسلمين حيث تخبطوا واختلفوا في التفاسير حول ديانة الصابئة ، لاسباب كثيرة نوجز بعضها :ـ اذ ان تفاسيرهم اعتمدت على قرب اوبعد علماء تلك الاديان من الصابئة واختلاطهم مع الصابئة المندائيون ، فهناك مَن عاش قريباً منهم وعرف عنهم وسمع بهم ، وشاهد معتقداتهم لذا انصفهم ، وهناك الأخر ممَن لم يعيش بالقرب منهم واستند الى اقوال وروايات واشاعات غيره المنقوله عن.. عن.. عن..عن شخص آخر وما يتداخلها مِن اشاعات مبغضه مع الاسف أساءت للعقيدة المندائية عقيدة النبي آدم وشيتل وانوش ونوح وسام وادريس ويحيى بن زكريا عليهم افضل السلام ، واودت بحياة تابعين رسالتهم السماوية مِن ابناء ديانة الصابئة المندائيون نتيجة جهل اولائك المفسرين ولحد يومنا هذا بدعهم وتفاسيرهم التكفيرية لازالت تتلون باللوان الطائفية والتكفير في بعض مناطق العراق وايران ومناطق اخرى ؛ ومن الاسباب الاخرى التي أدت الى جهل الاخرين بديانة الصابئة هو كون المندائيون يعيشون في مناطق وسط وجنوب العراق ومناطق جنوب ايران الى جانب انتشارهم في مناطق مختلفة من جنوب تركيا و الشام وشبه الجزيرة العربية بمجاميع قليلة وأن لغة الصابئة المندائيون هي اللغة المندائية الآرامية التي لايجيدها العرب و ان أغلبية المندائيون كانوا لايتكلمون العربية بعد دخول الأسلام للشام والعراق أي كانت تشكل عائق الاختلاط بينهم كونهم اصحاب الارض والتاريخ العريق وبين الغزاة القادمين من الصحراء ، وكان الاندماج والشرح حول العقيدة يتطلب لغة قوية لترجمة نصوصها وشرحها وتفسيرها وايضاحها وردع البدع والاشاعات لكن المندائيون من الشعوب التي حاولت ان تحافظ على لغتها لكونها لغة كتبهم المقدسة ولغة الطقوس المندائية التي لايمكن الاستغناء عنها ، بالاضافة لكون ديانة الصابئة اجبرت ان تكون ديانة غير دعوية " غير تبشيرية " بفعل الاضطهاد الدموي والمجازر المليونية بحق ابناء ديانة آدم الذي مورس عليهم ولايزال يمارس عليهم لذا لم ينشر الصابئة فكر ديانتهم وشرح لاهوت معتقدهم للاقوام المحيطة بهم لذا سادت في قرون مختلفة الكثير مِن الفتاوي والتفاسير البعيدة عن حقيقة ديانة الصابئة المندائيون ، وان وجد بعض الصابئة الذين يبغون شرح وتفسير عقيدتهم لغيرهم فالخوف من سلطان السيف والجلاد الذي كان ولازال يحكم هو مايمنعهم من ذلك بالاضافة الى فرض احكام الاسلام قسراً على الاديان الاخرى ومن تلك الاحكام هي لايجوز التبشير بأي ديانة غير الاسلام وسط اي مجتمع مسلم ، فكان ذلك عاملاً لزرع الخوف بنفوس ابناء الديانات المسالمة التي تنبذ العنف وجميع اشكال القتل والترهيب ما ادى لتوقف الصابئة عن التبشير بدينهم بل وحتى التعريف بماديء دينهم السمحة لخوفهم من اتهامهم بمحاولة التبشير بدينهم وسط المجتمع الاسلامي وهم كانوا بذمة حماية القبائل العربية الاسلامية لذا لزم الصابئة السكوت ، ولاننسَ ان احكام القتل والترهيب للطائفة الجديدة بما يسمى بالمارق والمرتد ومَنْ يعتنق ديانة الطائفة الجديدة لايحق له ان يعود الى دين اباءه ، لذا دوماً لازم الصابئة السكوت وكما هو ثابت اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب ، واما عدم ردع تلك الاشاعات والبدع المبغضة فكان الصابئة ولازالوا يستخدمون حكمة : أعرضوا عن الجاهل السفيه فإن مجاراته ندمٌ و عبءٌ بعد ذاك وخيمُ فإذا جريتَم مع السفيه كما جرى فكلاكما في جريه مذمومُ ، وحكمة خذوا العفوَ وأْمروا بِالمعروفِ واعرِضْوا عَنِ الْجاهلينَ!! ـ
بالاضافة الى الايمان الصابئي الذي يحرم على الصابئة كافة اشكال المواجة كلامياً اوبالقوة للرد على العنف الذي يتعرضون له ، بل وحتى يحرم كل اشكال الاساءه للغير اذ نجد في كتاب الله كتاب صحف آدم جنزاربا : صوموا الصوم الكبير ، صوم القلب والعقل والضمير ، لتصم عيونكم ، وأفواهكم ، وأيديكم .. لاتغمز ولاتلمز ، ولاتنظروا إلى الشر ، ولاتفعلوه ، والباطل لاتسمعوه ، ولاتنصتوا خلف الابواب ، ونزهوا افواهكم عن الكذب ، والزيف لاتقربوه ، أمسكوا قلوبكم عن الضغينه والحسد والتفرقة ، امسكوا ايديكم عن القتل والسرقة ...إنه الصوم الكبير فلا تكسروه ، حتى تفارقوا الدنيا ... وغيرها الكثير من بوث كتب الصابئة المقدسة .. ، اذ ان الصابئة المندائيون مؤمنين بمشيئة وبقوة وقضاء وقدرة الله الحي العظيم الأوحد ، و حسب الفكر المندائي أن الله هو الراعي للمندائية الذي حماها منذ عهد آدم عليه السلام الى يومنا هذا ولعدة مرات تزول فيها البشرية إذ يؤمن المندائيون إن الحياة قد زالت لعدة مرات فالحياة الاولى تكونت مِن آدم وحواء ، ثم الحياة الثانية من رام ورود بعد فناء الحياة الاولى بالسيف والوباء ، وهما من نسل آدم وحواء ، ثم الحياة الثالثة التي تكونت من شورباي وشرهبيل بعد فناء العالم الثاني العالم بالنار ، وهما من ذرية رام ورود ، ثم الحياة الرابعة التي تكونت مِن سام بن نوح ، وزوجته نهروايثا بعد فناء الحياة الثالثة بالطوفان ، وهما من ذرية شورباي وشرهبيل ؛ بالاضافة لما ذكرناه من اسباب اعلاه أن الصابئة مِن الاديان التي تمنع اطلاع غير المندائيون لقراءة الكتب المندائية المقدسة لكون الديانة المندائية من الديانات الغنوصية السرية : العرفانية الباطنية الهرمسية التي كانت تنتشر في بلاد الشام والعراق ، وكانت تنشر فكرها الديني على معتنقيها فقط خوفاً من اضطهاد الاقوام الاخرى لهم ، او الاساءه لكتبهم وما فيها من احكام ووصايا ، والخوف من تحريف كتبهم من قبل الغير ، لذا حافظ الصابئة المندائيون طيلة آلاف السنوات على منع غيرهم من الاطلاع عليها ، وحتى لو تسربت بعض الكتب المندائية لعلماء الاديان الأخرى فأنهم لن يتمكنوا من قراءتها لانها باللغة المندائية الآرامية التي يتكلمها الصابئة المندائيون فقط ، ولم يتم ترجمة بعض اجزاء كتب الصابئة المندائيون الى العربية واللغات الاخرى الا بنهاية القرن العشرين ميلادي أي قبل تقريباً عشرة سنوات من الآن! ، ولهذه الاسباب وغيرها الكثير هي ما ادى الى اطلاق الاشاعات عليهم من الاقوام التي كانت تجاورهم وتبغض لهم ، واخيراً ايضاً نلمتس اختلاف في التفاسير حسب اختلاف الخليفة والحاكم أيضاً وبصورة خاصة عند المسلمين حين وصول العلماء الصابئة الى منابر الخلفاء ، اذ نجد أن هناك ارتباط بين تفاسير المفسرين التي رفعت الصابئة الى اعلى درجات التوحيد والايمان وفضلتهم على غيرهم من الاديان في زمان بعض الخلفاء العباسيين حينما عاش الصابئة في بلاط الخليفة ذلك يدل على ان إنفتاح المسلمين على غيرهم واطلاعهم على عقائد غيرهم وبناء علاقات وطيدة مبنية على اسس احترام العقائد والانبياء والرسل والكتب السماوية قد عَرفَ المسلمين بالديانات التي سبقتهم ؛ وفي ازمان اخرى خيم الفساد والجهل والتطرف الذي ساد ولا يزال يسود ، والظلامُ الذي خيم ولازال يخيم ، على الفكر والمعرفة عند العرب والمسلمين بصورة خاصة ، وسيطر فيه الجهل الذي أدى إلى الشر ، وهيمنت فيه الإشراطات والانفعالات والعقائد التي انحرفت عن جوهر مبدئها ، فانتهت إلى ترهيب وضياع وجوع وذل وفقر وتكفير وقتل واختطاف وقهر ابناء اول ديانة توحيدة بالتاريخ ديانة الصابئة المندائيون ، وفي صمت لمراجع العرب أشبه بصمت القبور ].